Yes I’m changing

I feel I truly need peace over gaines, So many nights pass where I just cry and cry and I’m severely confused and tired. and seems no one can see my grief. Still, I hold a little hope that the future might hold better things for me.

حيلة

يشكل العمل جزء كبيرا من حياتي، ولهذا أكثر من دلالة واحدة، لكن لكل دلالة حالة شعورية مماثلة تجاه العمل، وهو أن العمل لا يجب أن يحوز كل وقتي كما يحصل الآن. للعمل ارتباط وطيد بالوقت، فحين نقول أنه عمل بسيط أي أنه لم يستهلك وقتا طويلا لإنجازه أما حين نقول أنه عمل معقد/صعب، فإننا بالضرورة نعني أنه عمل استهلك وقتا طويلا لتفكيكه ومن ثم إنجازه.

أتحايل على الوقت تحايلا ضمنيا على العمل، ألتزم باستيقاظ مبكر غير ضروري قبل العمل بساعات، لأحظى بوقت خاص مع نفسي. يتمثل في بعض أغاني، طبخ بطيء، مقالات، وقهوة تحت الشمس.

في هذا الوقت تحديدا يتبقى لي 40 دقيقة إلى وقت المغادرة من المنزل. فكرت أن توثيق هذا الوقت بوصف قصير، يؤكد لي ضرورة استمرار هذا التحايل الخيّر.

الإعلان

.

قبل يومان قمت بشراء لفافة ورقية يبلغ طولها 4 أمتار، كان ذلك نتيجة حافز نحو استبصار شيء في نفسي . كنت مدفوعة بحيوية نحو الفهم، محاولة التحرر من تعب السؤال.

أغلقت هاتفي اغلاقا تاما متجاوزا حدود انقطاع الطاقة، علّقت حساباتي على المنصات، وشعرت بأني منيعة من شيء لا أميزه. ألصقت الورق على الجدران، وأمسكت قلما أسود ذو رائحة محفزة، وبدأت أكتب.

كان علقي يستحضر أرقاما و صور ذهنية تدور حول العمل، فيما كنت أحاول أن أستجدي شيئا أبعد من هذا، شيئا يدور حول المعنى أو المعنوي، شيء أثيريّ، قادم من الأعلى.. وبعيد. لم أفلح. تمددت على السرير مقابلة جداري الملطخ، وصرت أفكر: ” والله مرة Geeky اللي قاعدة أسويه”. بحيلة أقصر من خنصري، فكرت ماذا لو استثمرت كل أموالي في جسدي وفتحت مجالا للعموم للنظر وضغط “قلب”، هل يمكن لهذا أن يغير شيئا.

أقرأ كثيرا هذه الأيام، مقالات وكتب، وأستهلك “ميديا” إلى الحد الذي يحترق فيه ذهني ويتوقف قسريا عن الفهم. لا تهمني قضايا الخارج وأظن أنني منغمسة في قضاياي الخاصة.

أتخيل نفسي كاتبة ذات صيت محليّ، أتخيل أني صاحبة متجر الكتروني صغير، صاحبة قناة يوتيوب شهيرة، صاحبة بودكاست يحبه الجميع، اتخيل ان لي جسد ممشوق وعقل مستيقظ. عندي ما يكفي من المال للسفر، والتأنق والأكل والسكن وحيدة. لا يمنحني ذلك بحد ذاته نشوة خاصة غير أن عقلي منفتح على الاحتمالات لا أكثر

أشرب الآن شوكلاته ساخنة في يوم صيفي، الأمر أشبه بقدوم الأشياء التي رغبناها في الوقت الخاطئ. بيد أن ذلك لم يغير طعم الكاكاو العضوي المر مع حليب جوز الهند الدافئ.

” ولحياته التي رآها مثل حريق،

شب فجأة في نزهة”

كنت طفلة مليئة بالأسرار ولي دوافع البالغين، لم ألعب كثيرا في أيام العطل، ولم أحب يوما الاستعانة بأمي. أذكر أني مرة تبولت على نفسي في غرفة الصف، ظنت المعلمة أني أكذب عندما عبرت لها عن حاجتي إلى الحمام. أذكر أني نظرت إلى الأرض المبللة، كان عمري حينها ٧ سنوات، لم أخجل من نفسي، لكني وددت أن أشعرها بالسوء، وأن أزيح مسؤولية هذا الخطأ عني. نظرت إلى المعلمة، قلت لها مرتجلة: لدي مرض خطير في الكُلى يمنعني من التحكم بنفسي، سأخبر والداي اليوم عما فعلتِه. أذكر أنها ارتبكت وصار تمدني بعناية خاصة ولم ترفض لي طلب.

لدي عاطفة ضيّقة، ويشغل بالي كيف للمحبين أن يحبوا؟. هجرت الفكرة لسنوات، عدت إليها محاولة الاقتراب من ذلك المنطق العاطفي. استعنت بكل الكلمات الدلالية ذات الصلة في محركات البحث. قرأت الأشعار، ولمست أيادي كثيرة. حاولت أن أبحث في وجداني عن أي معنىً قديم، راقبت طويلا، وفي مرات قليلة وضعت نفسي في تلك الظروف، لم أشعر بالازدهار أو أن الأمر يعنيني، شعرت فقط بالمسؤولية تجاه من أحبوني دون أن أحبهم.

سبتمبر

تنبثق ثلاثة اشعارات على الهاتف مشيرة إلى أن اليوم هو ذكرى ميلادي السنوية بتكرارها السادس والعشرون. في أعوام مضت كانت مناسبات كهذه مناسبات مربكة، بمعنى أنها تذكير جاد حول ماحقتته أو كيف تبدو الحياة اليوم، ويليه سلاسل من التخطيط الدقيق لما يجب علي فعله فورا، وفي الحقيقة لم يكن أيّا من هذا مجديا، أكثر من كونه أمرا ضاغطا. بيد أني فضلت في هذه الذكرى بالتحديد أن لا أحتفل وألا أدخل في عملية تقييم مطولة، بالرغم من شعوري الملتهب حول أن كل شيء في حياتي الحالية يبدو خاطئا.

أشرب الميرمية الآن، وأستشعر سحرا خاصا في جسدي. كانت الميرمية تسمى عند الرومان بعشبة الحكيم Sage والتي من دواعي تعاطيها آن ذاك هو للتحلي بالحكمة والأبدية، وفي مقاربة أخرى :” كيف للرجل أن يموت وفي حديقته ميرمية”. بجانب تأثيرها الاسترخائي، تمدني ترميزات ثقافية كهذه بحيوية معنوية تبهجني في كل رشفة.

تتردد علي مؤخرا خواطر مكثفة من نوع أريد أن أعيش حياة بطيئة ومتخففة، وأن أحاط بالطبيعة أكثر من التمدن، أفكر بخيارات الهجرة من المدينة إلى القرية، أو ربما لدولة أخرى. أشعر أن الخيارات واسعة وممكنة. تعنّ في عقلي أفكار تقول أن العمل لايجب أن يكون مؤلما، ولا بأس أن يكون شاقا. وخير العمل هو عمل بنائي لا تنفيذي بحت، بالطبع هذا ليس تفضيل لدى الجميع، لكنه ممكن جدا. يلازم هذا حدسٌ يقول لي أني ناجعة في توليد الأفكار وايصالها، ينبع من ايمان مؤصل بداخلي أن المعرفة وحدها تخفف قدرا واسعا من المعاناة، وأن حلولا لمعضلات كثيرة ترقد معنا داخل الهواتف النقالة، لكن ضجيج ومتطلبات الخارج تشوش الرؤية ومعالجتنا العقلية. ربما لهذه الخواطر سبغة وعظية أو حالمة، لكني بطبيعتي التلقائية أحب أن أفكر دائما في احتمالات أفضل.

شأن خاص

Ilyin Stanislav Valerievich (b. 1972, Russian)

مساء الخميس تحدثت مع صديق قديم لم أتحدث معه منذ فترة طويلة، صديقي هذا انتقل من الرياض إلى دبي للعمل، ودارت بيننا أحاديث تأملية حول جلّ الأشياء، إحداها كانت عن تأثير فوارق الجغرافيا والعمر على الواحد منا، في عرض ذلك الحديث قال: ٢٧ سنة من العيش كثير يابتول، كثير جدا. استنكرت في نفسي وأبديت ضحكة متملّصة من الفكرة وقلت ليس كثير؛ إن كنا سنعيش إلى عمر الـ ٨٠ عام مالم نَمت عرضيا. أجاب وإن يكن تظل كثيرة.

في عمر مبكرة كنت أظن أن الحصول على المقتنيات المادية هو ما سيعطي للحياة نكهتها، ثم ظننت أن وجود أحباء قد يعطي للعيش رغدا خاصا، ثم ظننت أن العمل سينقلني إلى آفاق أخرى لم أصلها، ثم آثرت على كل شيء بالتخفف متأملة في الوجود ومقتربة من الوجدان والروح، ثم انتبهت للشأن العائلي ظانة بأن لذلك مكاسب معنوية ضخمة. لا أقول أن كل هذا لم ينجح، لكل شيء في حياتي نجاح نسبي تام، لكن تلك الحالة من السلام والانسجام الكلي، لم أشهدها إلا في فترات نادرة من وجودي.

أحمل كوما على صدري، أعباءً على ظهري، وتخوما داخل عقلي، كل تلك هي تراكمات كثيرة مجرّدة لا تنقلها اللغة ولا الصوت الخام، وكم أستثقل سؤال الحال في بدء كل محادثة قصيرة، أي كذبة أخرى حيال ما أشعر به، تزيد من تراكماتي. أفكر في وجعي، ولا أظنه وجعا خاصا البته، على العكس تماما، مايزيد الوجع وجع في صدري أنه وجع مكرور، وماهو خاص فيه أنه غير منقول مني إلى الآخر، خصوصيته تقع فقط بأنه وجع أخرس، هلامي وشفاف غير قابل للنفاذ خارج حدودي.

بيد أني لا أستطيع وصف حالي بالبؤس أو السعادة، كل الأشياء الآن في حياتي لها حجمها الطبيعي العادي، الذي لا يمنح ميزة أو انحيازا خاصا لها، لكن هو خدر معنوي عريض يسري تحت جلدي ربما. ولا أُزعج أو أرغب بالتخلص منه، لكنه يدعوني باستمرار للمراقبة والتأمل.

أنتبه جيدا لكل فجوات عقلي حينما يفكر، ولإيقاعات مشاعري حينما تتحرك، أنتبه للروح والوجدان حينما يضطربان، لكني أفتقد لذلك الشيء الذي يجعل من العجلة أن تستمر بالدوران بكفاءة دون مساعدات خارجية كثيرة، وكم اشتاق لشعلة الرغبة والتطلع التي تزورني دون اشعارات مسبقة.

أحاديث يونيو الأخيرة

(١)

اليوم استيقظت وفي رأسي فكرة المرض، بأني تعبة وبي خطب ما، داهمتني بعدها فكرة أخرى بأن حياتي ليست ما يرام وأني أسير في طرق خاطئة، ثم شعرت برغبة بدفن نفسي أو الهرب بعيدا، تاركة كل المسؤوليات والأهداف التي بالفعل أمضيت فيها.

نهضت وحاولت ترك الفكرة على السرير، ذهبت إلى المطبخ بفكرة أخرى من نوع سأكون أكثر فاعليةً اليوم، أعددت قهوتي وإفطار خالٍ من مصادر الكاربوهيدرات، عدت إلى غرفتي سريعا قبل أن يلمحني أحد من الأسرة ويحاول ارتجال حديثا جانبيا قصير، أكلت وشربت قهوتي المقطرة، وسمعت موسيقى من نوع Lofi بشكل عشوائي، فتحت Notion كتبت واجباتي خلال اليوم والثلاث الأيام القادمة، شعرت بعدها بالغيظ وعدم الراحة؛ لأني مضطرة للاستجابة إلى واجبات تنفيذية بحتة، كتجديد البطاقة الشخصية، متابعة إجراءات إخلائي من العمل القديم، وارسال صورا شخصية إلى عملي الجديد. تأملت ذاتي التعِبة ولم أشعر برغبة بمساعدتها أو إيجاد حلول فورية للتخفيف عنها، ثم راقبت سماتي القلقة وهي تحاول دفعي للحركة، ولم أشعر بالتعاطف معها وقابلتها بالتجاهل، ثم تأملت شبابي والوقت وما أمتلكه الآن ولم أشعر بالامتنان أو المحبة، داهمتني رغبة سريعة بالبكاء والسقوط ولم أستطع، حاولت أن أهوّد نفسي بسؤال حنون، “بتول مالذي تشعرين به الآن؟” لألمس مشاعري المتراكمة وأقود نفسي، ولم أنجح.

(٢)

البارحة تحت الشمس نمت بملابس السباحة، كان الشاطيء خال إلا من بضعة أقدام تتحرك لا ألمح رؤوس أصحابها، نمت تحت الشمس دون حاجب أو وسيط، نمت تحت الشمس وأنا أشعر بصلة قديمة معها دون أي أميزها.

في طريقي إلى الشاطئ الذي يبعد مسافة ٤٠ كم متر من بيتي، كنت بصحبة عبدالرحمن *، وكلينا لم نكن بمزاجاتٍ تسمح بالحديث ولكلينا طبيعة منطوية، فضلنا الاستماع إلى قصة من قصص نايف حمدان عوضا عن الحديث. في الطريق حين انقطعنا عن المدينة وبدأ الخلاء بتمديد نفسه على جوانب الطريق، تسلل إلى قلبي شعورا بالألفة نحو المشهد، شعرت برغبة بالبكاء والفرح في الوقت ذاته، أنتبه جيدا أن واحد من أسباب شعوري بالاغتراب هو انفصالي المستمر عن الطبيعة بحكم ظرف المعيشة وبحكم سكني في المدينة، راقبت الصحراء وهي تعود وتختفي إثر مباني متفرقة على جوانب الطريق، وشعوري بالحنين إلى تلك البقع الأرضية الترابية الشاسعة لا يكف عن بث نفسه في روحي.

بجانب اكتساب السمرة كانت الفكرة من الذهاب إلى الشاطئ هي اللحظة التي أرتمي فيها تحت الشمس دون وسيط، لم أمتلك رغبة لا بالرقص ولا بالصخب ولا أي أحاديث جانبية، انتهت رحلتي القصيرة سريعا، اكتسبت السمرة وطفوت على الماء، راقبت السلطعونات السابحة وأسماك ضالة.

في المساء عدت بمكتسبات معنوية أعطتني رحابة امتدت لأيام، لازلت أحمل توعكات داخلية حول أمور أدركها جيدا، لكني لا أمتلك القدرة الآن على التصرف معها.

وسائط يونيو:

كتاب: The road less traveled

قناة Daily Stoic 

أغنية: Going nowhere

لا تضف عنوانا

البارحة أخبرني مديري أن الخميس سيغادر مسافراً إلى الرياض، لن يكون متواجداً في المكتب، لكنّه وعدني بإنهاء جميع ما هو معلّق من مهام مشتركة خلال الأسبوع القادم، بادلته بإيمائه .. بادلني بابتسامة، ودّعنا بعضنا برسمية دافئة، كما تليق بفارق العمر والمكانة. لسبب أجهله .. لكنّي لا أخشى مديري، ولا ألصق “طال عمرك” كما يفعل زميلي في بدء كل مناسبة حديث معه، ربما لم أفطِن يوما لكل تلك البروتوكلات الاجتماعية، لكنّي أصنف نفسي أني محبوبة ومحترمة بقدر كاف، وربما أكثر من زميلي.

منذ أن عرفت أن مديري لن يأتي، أعدتُ جدولة موعد الاجتماع مع مدير المشروع إلى بعد الظهيرة، حتى يتسنى لي الحضور متآخراً صباح غد، بالطبع نويت ذلك دون أي خشية من أن يكون ذلك مهدداً لعملي الحالي. هذا الشعور بالأمان مع قدر كاف من المرونة، ربما هو ما يمنعني باستمرار عن البحث عن عمل آخر.

هيفاء، أو كما لفظته لي: هيفا، هي آخر اسم أُضيف إلى جهات اتصالي، حسناً .. كيف بدأ الحديث، كانت هيفاء تحاول التقاط صورة لنفسها عبر سناب شات، مررت من خلفها واعتذرت لي أن وجهي قد ظهر في الصورة، أبديت عدم ممانعتي، خصوصاً إن بدوت حلوة كما في الواقع .. تضحك هي، ثم سألتُ هيفاء كيف حصلت على لونها البرونزي الرائع، بدأت تسرد لي قائمة المنتجات وكل الشواطئ الخاصة التي تترددها للمحافظة على لونها البرونزي. قد يبدو حديث هيفاء سطحيا وتافها، لكني استشعرت عمقا ما في طريقة سردها، كما أن كلماتها ونظراتها منسجمتان بشكل لذيذ. أجزم أن هيفاء تكبرني بأربع سنوات على الأقل. لكن طاقتها الشابة أذهلتني، تبادلنا أرقام الهواتف مع وعد بالذهاب الى الشاطئ الخاص سوية.

في طريق العودة إلى المنزل، كنت أنظر لكل الحركة الليلية بالخارج، حنين المشي على الرصيف يعود، وهالة الأشجار في الظلام، لا قمر اليوم، لكن .. الأطفال بالشارع يركضون، أظن أن تلك اشارة صريحة أننا لازلنا في عنفوان الخميس.

لا أشعر بالحزن، ربما لأن الحزن يأتي حينما أتوقف، كموسيقى نهائية لمشهد غروب، لكنّى الآن واليوم أعدو بلا انتهاء، في مضمار غير واضح الأفق، مجبرة .. كما لو أن الموت من خلفي مستمر بالمجيء. أشعر أني ابتعدت عن نفسي، أشعر بألم حاد في مشاعري، أشعر بالخيبة، والمرض والتعب، والفوضى، مكتظة .. مكتظة أنا إلى أقصاي، ويد الأم لم تعد حانية، وفراشي خال كل ليلة، والأصدقاء لا يمدون اليد كما يجب.

فكرت أن أمنح هذا التعب معنى، أن أكتبه دون أن أشاركه مع أصدقائي الخاصين، فكرت أن أسجل يومياتي باستمرار، لغرض نقل التجربة وتوثيقها، أن اكتب باسهاب عن كل ما يحدث، ربما يجد أحدهم هذه اليوميات والمذكرات لاحقا، ويكتشف أن حياتي هي حياته، أن حيواتنا مستعملة بالفعل، ربما حينها سيغير في النص قليلا، وسيجعل من أدواره في حياته أكثر بطولية مما فعلت أنا.

يشير موقع الحجوزات أن أقرب موعد مع معالجي سيكون في أكتوبر، إذاً يا “أنا” لا مناص من الاعتماد الكلي عليك، وربما بضع سجائر، و وجباتٍ سريعة، لا أعلم. لكنّ أشعر أن أيامي القادمة محمولة بأتعاب ومكاسب لست على استعداد لاستقبالها.

لا تقل لي اليوم” كيف حالك”، قل لي “حبيبي نامي” فأنا تعِبْ .. تعبٌ حتى القدم.

09 | آسف

آسف

هذه الأيام أشعر باغتراب شديد، وبتوق محمومٍ تجاه مجموعةٍ من المشاهد، بعضها قد عشتهُ مسبقا بالفعل. والبعض الآخر يشبه مشهداً آتياً من الضباب. بالأمس مثلاً ذهبت لشراء قماشٍ من حيّ شعبي، كنت أتوق للحيّ الشعبي ذاته، أكثر من مغامرة اكتشاف الأقمشة. أمضيتُ الثلاث الليال السابقة في مجموعة مشاوير طارئة، كلما نظرت من السيارة إلى الرصيف ، شعرت أنه يناديني، لدرجة أن تنمّلاً مفاجأً دبّ أصابع قدميّ، كأنما كان يحثني لفعل ذلك. إن علاقتي مع الأرض تبدأ من القدم إلى خلف جمجمتي، حينما أمشي على سطح ما، دون جهد مني أجد أني أركز في طبيعة الأرض التي أمشي عليها، لم أشعر يوما أن الأرض هي مجرد سطح ماديّ صامت، أُحِس أن الأرض تشعر مثلما نفعل تماما. قبل يومان كنت في طريق العودة إلى المنزل، أنظر إلى هاتفي وبسبابتي أقلّب على نحوٍ سريع، بحثاً عن أغنية أهدهد فيها تعبي من اليوم، أمضغ كل شعوراً مرّني ولم أفهمه، بحثا عن الخفة، كما لو أني استيقظت للتو. بالفعل وجدتها، شغلّتها .. رفعت نظري إلى نافذة السيارة، أتأمل مشهد الرصيف الذي بدا راكضاً مثلنا، وخطوطه الضائعه إثر سرعة السيّارة، تزامن هذا مع مشهدٍ شعرت أنه رُتّب عمدا فقط لتعذيبي، شاهدت خروفا يهرب من صاحبه، رأيت عيناه وهي تزوغ يمنةً ويسره بهلع، وجسده الضخم الذي لم يسمح له بركضة سريعة، وذلك الصوف المليئ بالأتربة نتيجة نقله المتواصل عبر الطرقات، يركض بجسارة، ثم يترنح بيأس، وفجأة ارتطمت به سيارة أُجره، سقط الخروف على مسافة بعيدة، يتلوى على الأرض في منتصف شارع رئيسي. بدا المشهد آتيا من الجحيم، شعرت بانكماشة شديدة بصدري، أردت أن اعتذر للخروف بالنيابة عن الجميع، أن أعتذر مراراً وبإلحاح شديد، عن الجميع الذين ظنّوا أنه مجرد خروف، أمثل مكانٍ يتواجد به داخل الطناجر وفوق الأرز، عدت للمنزل وأنا أشعر بالمسؤولية تجاه ما حدث. شعرت بأنه كان بالإمكان تلافي عذابات الخروف، وأنه يجب أن نفعل شيئا تجاه فوضى العالم. أمسكت قطتي، احتضنتها بشدّة، كوعد بالحماية والرعاية، ومشهد الخروف في رأسي، ملقى على الأرض يحرك أطرافه باندفاع وألم، دون نجدة.

أيها الخروف الطيّب.. عذراً على الإنسان، أيتها الأرصفة الخشنة .. أنا قادمة، أيها الليل القمري استمر .. لست بخائفة.

طفولة

تقول أمي أني كنت طفلة صامتة، وقليلة الكلام، وحينما أتحدث، فقط أطرح مجموعةَ أسئلة، وتقول صديقتي .. التي شهدت طفولتي المبكرة، أني كنت طفلة حيوية أكثر من أقراني، تنظر بفضول نحو كل شيء، تقول جدتي .. أني لم أؤذي أحدا في صغري، بالرغم من وداعتي، إلا أني كنت قائدا لمجموعة الأطفال بشكل طبيعي دوماً. تقول خالتي أني مرة زرتها في منزلها عندما كنا في زيارة للقرية، أني مشيت الليل وحيداً دون رفقة، وأني قطعت المسافة دون إنارات في الشارع، طرقت الباب بيدي، أخبرتها أني أشعر بالملل، وأني أريد اللعب أو الحديث معها، تقول معلمة النادي الصيفي أني لست بعادية، وأنه يجب أن نحدد موعداً مع الأم؛ لنرى كيف لنا أن نحقق أفضل استثمارٍ لطفلة غير عادية .. مثلك. ذات المعلمة سألتني يوما ماذا لو أن الخرفان تطير. أخبرتها أنه يجب أن نضع أضواء تنبعث من الأرض نحو السماء لتنظم المسير، ويجب أن نعطي الخرفان مسارات محددة؛ حتى لا تصطدم وتسقط علينا، أتذكر في تلك الليلة، أني كنت أستمع مع والدي لمقابلة تلفزونية، مع ضيف كان يتحدث العربية بطلاقة، كنت أسجل الكلمات الرنّانة التي تربط الجمل ببعضها، قررت استخدامها في اجابتي على سؤال الخرفان في الورقة، كنت أريد للمعلمة أن تنظر إلى حلولي المقترحة، أنها حلول ناضجة، وتستحق القراءة والمناقشة، بالفعل حدث. تقول المربية أنه ذات يوم اشتعل حريق في المدرسة، كان الأطفال ينزلون الى الاسفل بهلع، كنت أنت الوحيدة التي تصعدين للأعلى بعزم صامت، لتنقذي ألعابك، كنتِ متأكدة أنك تستطيعين، و حينما منعتك من الصعود، كنت تصرخين: لا .. مكعباتي .. مكعباتي. يقول أبي أننا كنا نمشي بالمسعى في الحرم، بالخطأ علق مشبك شعرك في إحرام أحدهم، كنت تبكين طوال اليوم، وبحنق تجاه أننا لم نتخذ موقفا إزاء مشبك الشعر المفقود.

منذ الطفولة المبكرة، استطعت تكوين حميمية مع الأفكار كما لم يفعل أحدٌ من حولي، منحني ذلك صلابة كبيرة وفضول شاسع نحو التعلّم والتجربة، لكنّي في الـآنِ نفسه لم أستطع مسامحة كسل من حولي إزاء حياتهم، عقلي يقول دائما، إن كنتِ تستطيعين التحسين من الأمر، أو تتخذين خطوة ما تجاهه لمَ لا، افعلي، وفوراً. لم يكن ذلك مقبولا دائماً في محيطي، وأجد أن الجميع يتماهى دون انتباه لما يحدث. وإلى عمري المتأخرة الآن، لم أستطع أن أكون رحيمة تجاه كسل أحدهم. ولا أستطيع استجداء تبريرا للكسل. وأعزوا افتراضي المسبق أن أغلب الجمع كسول وأحمق يمتد من تلك الفكرة، وإن كان ذلك يحمل الكثير من الصحة، لكنّي لا أريد التفاعل مع الواقع بخيبة مسبقة، كما أفعل الآن.

موسيقى رحيمة

08 | تحديثات

مضى على آخر تدوينة ٦٢يوماً، حدث الكثير خلالها، الكثير مما أستطيع ومالا أستطيع إدراكه وفهمه جيداً. تغيرات في ساعات العمل، تغير في أرقام الميزان، تغيرات في أعداد الأصدقاء، خروج أشياء ودخول أشياء أخرى، وبالرغم من هذا الحراك؛ إلا أن السأم بدأ يتفشى بداخلي، ليس سأماً من الحياة ذاتها، لكنه سأم التكرار، لم تعد الحياة تمضي بالشكل الذي أحبه، كما أني اعتدت لسنين طويلة على مرونة تشكيل الحياة كما أرغب، ربما لسني الصغيرة آن ذاك، وربما لرغباتي والتي لم تكن بالضخامة التي يصعب تحقيقها.

توقّع شاهق.

كان اشتغالي الدائم ولا زال هو اشتغالي على نفسي، لطالما توقعت منها الكثير، الكثير الذي آمنت أنه سيتحقق اليوم أو غدا أو آجلا، أدمنت توقعاتي من نفسي للدرجة التي صارت هي المحفز الوحيد للإقدام على أمر ما، واختبار احتمالية تحقق ذلك الشيء، وبمجرد أن أخوض الأمر بجلّي أنسى تماماً أني كنت أجرّب توقعاً فقط، مجرد توقع وافتراض، ليس بحقيقة مدرَكة ولا احتمالا مؤكداً، أصاب بالدهشة وجميع انفعالات الحماسة حين يتحقق توقعي حول نفسي، لكن لاحقا حينما أفشل في أمر ما، كان دافعي حوله هو فقط تجربة توقعي، أجدني أصاب بخيبة مضاعفة وأخبو كثيراً حتى من توافه الأمور. اليوم أنازع نفسي وأحايلها بأن تخفّض من توقعاتها، وأن تعمل أكثر بقلبٍ أكثر صلابة ورحابة.

العادة، العمل، التحسّن.

أكرر في رأسي هذا الترتيب: اجعليها عادة، استمري بالعمل، ثم فكّري بالتحسّن. والأمر ينجح! فعلا ينجح. طبّقت ذلك على روتيني الرياضيّ، بدأ الأمر فقط بجعل الذهاب إلى صالة النادي أمراً اعتياديا، خصصت ثلاثة أيام في الأسبوع لزيارة النادي، كتبت بالضبط مالذي سأفعله فور دخولي للنادي، قوائم الموسيقى التي سأسمعها، وفي أي وقت من اليوم سأذهب وفي أي يوم من الأسبوع. خلال الشهر الأول التزمت بذلك وصارت زيارة النادي أمراً اعتياديا تماما، لا يحتاج للكثير من التخطيط والترتيب المسبق، بعد شهر أضفت يوما آخر، بعد شهر آخر أضفت يوما آخر أيضا، ونجح الأمر. استمررت بالذهاب إلى النادي بذات الكثافة لخمس أشهر دون انقطاع، والنتائج كانت رائعة بحق. ولولا الكوفيد أراهن أني كنت سأستمر بالزخم ذاته إلى اليوم.

عزمت على تطبيق هذا الترتيب في نواح حياتي الأخرى. أريد روتينا خاصا للخلق وصناعة الأشياء، و روتين آخر للتواصل مع الآخرين، كون ذلك ليس من طبيعتي، أعني إبقاء دائرتي الاجتماعية حيّة.

قيمة مضاعفة.

إن صناعة القيمة هو فنّ، أدرك هذا بشكل واضح حينما أبتاع مساق تعليميا حول أمر ما دون تردد، فقط لأن القيمة التي يحملها يساوي أضعاف المال الذي سأقايض به للحصول على هذه المادة. الأمر ينطبق كذلك على الأصدقاء، والعلاقات، الأعمال. كلما ارتفعت القيمة التي يقدمها شخص ما، كلما ارتفع الطلب عليه، وكل تلك الميزات الأخرى، كالاحترام والتقدير والفرص وغيره. ولطالما فكرت مالقيمة التي أريد أن أقدمها بشكل مستمر، بالطبع لست بارعة في تقديم القيم العاطفية بالقدر الذي أشعر أني بارعة في تقديم قيمة فكرية أو حل لمشكلة ما، لطالما شعرت أن خُلقت لهذا، أعني أخبرني بالمزيد وسأقول لك مالخلل.

تجربة

أشرت في تدوينة سابقة أني بشكل مستمر سأبقي يدي على التجربة، مازلت ملتزمة بذلك، والفكرة لا تسقط من رأسي البتة، فعلت الكثير خلال الأشهر التي مضت، صنعت فديو وثقت فيه يومي، طلبت من مديري تغيراً في المهام الموكلة، وبالفعل حدث، تعرفت على أصدقاء جدد ومن فئات عمرية متفاوته دون خجل، أنشأت حسابا آخر في إحدى المنصات على الشبكة وأطلقت جانبا آخر مني، اشتركت مع مدربة رياضية، أخذت جلسة استشارية مع طبيب نفسي، سمحت لنفسي لأيام عديدة بالمضي دون إدماناتها التي اعتادتها، ولا زال العمل على إبقاء التجربة حيّة هو مشروعي الملازم في كل مرحلة.

مفضّلات

أقع في حبّ ايمان مرسال بشكل متجدد في كل مرة أقرأ ما تكتبه، للحد الذي أتمنى أن أمتلك قصائدها وأسجلها بصوتي.

الكتاب كان احدى توصيات فؤاد الفرحان، الكتاب يعطي إجابات عملية لمن يبحث عن تثبيت عادة ما بنهج واقعي.

إضافة إلى أن السيدة جينفر تمتلك بشرة رائعة، إلا أن ما أحبه فيها بحق هو عدم تكلّفها ورأيها الصريح حول المنتجات التي تستخدمها.

  • Colors – أغنية الصباح

It’s good day to be, a good day for me, a good day to see my favorite colors