أحاديث يونيو الأخيرة

(١)

اليوم استيقظت وفي رأسي فكرة المرض، بأني تعبة وبي خطب ما، داهمتني بعدها فكرة أخرى بأن حياتي ليست ما يرام وأني أسير في طرق خاطئة، ثم شعرت برغبة بدفن نفسي أو الهرب بعيدا، تاركة كل المسؤوليات والأهداف التي بالفعل أمضيت فيها.

نهضت وحاولت ترك الفكرة على السرير، ذهبت إلى المطبخ بفكرة أخرى من نوع سأكون أكثر فاعليةً اليوم، أعددت قهوتي وإفطار خالٍ من مصادر الكاربوهيدرات، عدت إلى غرفتي سريعا قبل أن يلمحني أحد من الأسرة ويحاول ارتجال حديثا جانبيا قصير، أكلت وشربت قهوتي المقطرة، وسمعت موسيقى من نوع Lofi بشكل عشوائي، فتحت Notion كتبت واجباتي خلال اليوم والثلاث الأيام القادمة، شعرت بعدها بالغيظ وعدم الراحة؛ لأني مضطرة للاستجابة إلى واجبات تنفيذية بحتة، كتجديد البطاقة الشخصية، متابعة إجراءات إخلائي من العمل القديم، وارسال صورا شخصية إلى عملي الجديد. تأملت ذاتي التعِبة ولم أشعر برغبة بمساعدتها أو إيجاد حلول فورية للتخفيف عنها، ثم راقبت سماتي القلقة وهي تحاول دفعي للحركة، ولم أشعر بالتعاطف معها وقابلتها بالتجاهل، ثم تأملت شبابي والوقت وما أمتلكه الآن ولم أشعر بالامتنان أو المحبة، داهمتني رغبة سريعة بالبكاء والسقوط ولم أستطع، حاولت أن أهوّد نفسي بسؤال حنون، “بتول مالذي تشعرين به الآن؟” لألمس مشاعري المتراكمة وأقود نفسي، ولم أنجح.

(٢)

البارحة تحت الشمس نمت بملابس السباحة، كان الشاطيء خال إلا من بضعة أقدام تتحرك لا ألمح رؤوس أصحابها، نمت تحت الشمس دون حاجب أو وسيط، نمت تحت الشمس وأنا أشعر بصلة قديمة معها دون أي أميزها.

في طريقي إلى الشاطئ الذي يبعد مسافة ٤٠ كم متر من بيتي، كنت بصحبة عبدالرحمن *، وكلينا لم نكن بمزاجاتٍ تسمح بالحديث ولكلينا طبيعة منطوية، فضلنا الاستماع إلى قصة من قصص نايف حمدان عوضا عن الحديث. في الطريق حين انقطعنا عن المدينة وبدأ الخلاء بتمديد نفسه على جوانب الطريق، تسلل إلى قلبي شعورا بالألفة نحو المشهد، شعرت برغبة بالبكاء والفرح في الوقت ذاته، أنتبه جيدا أن واحد من أسباب شعوري بالاغتراب هو انفصالي المستمر عن الطبيعة بحكم ظرف المعيشة وبحكم سكني في المدينة، راقبت الصحراء وهي تعود وتختفي إثر مباني متفرقة على جوانب الطريق، وشعوري بالحنين إلى تلك البقع الأرضية الترابية الشاسعة لا يكف عن بث نفسه في روحي.

بجانب اكتساب السمرة كانت الفكرة من الذهاب إلى الشاطئ هي اللحظة التي أرتمي فيها تحت الشمس دون وسيط، لم أمتلك رغبة لا بالرقص ولا بالصخب ولا أي أحاديث جانبية، انتهت رحلتي القصيرة سريعا، اكتسبت السمرة وطفوت على الماء، راقبت السلطعونات السابحة وأسماك ضالة.

في المساء عدت بمكتسبات معنوية أعطتني رحابة امتدت لأيام، لازلت أحمل توعكات داخلية حول أمور أدركها جيدا، لكني لا أمتلك القدرة الآن على التصرف معها.

وسائط يونيو:

كتاب: The road less traveled

قناة Daily Stoic 

أغنية: Going nowhere

أضف تعليق